Feeds:
Posts
Comments

Archive for February 24th, 2009

الفرااااااغ

لا أجد كلمة أبلغ من كلمة الفراغ لتكن عنوان لموضوع أحاول وصف الحالة التي نمر بها الآن على مستوى ما كانت تعرف بإسم المعارضة ، فالفراغ هو المسيطر الأول والرئيسي على الحالة العامة للوسط السياسي المسمى بالمعارض ، ولا تتعجب أني أقول ما كانت تعرف ، والمسمى ، فأنا بالفعل لا أرى معارضة تستحق أن نطلق عليها لفظ معارضة ، لأن كلمة معارضة تطلق فقط على الفريق الذي يقف دائماً في وجه قرارات الحكومة التي تأتي ضد مصلحة الشعب ، ويجبرها على عدم تنفيذ هذة القرارات ، وأيضا يكون هناك حرية وديموقراطية لكي يكون هناك معارضة ، وأيضا يكون هناك معارضة تستطيع القيادة وتستطيع أن تكون بديل حقيقي للنظام ،أما في مصر فلا وجود لأي من هذة الصفات سوى الإسم فقط أما المضمون فهو عبارة عن قلة مخلصة وسط أغلبية مغرضة ..

أعود إلى الفراغ ، ما يجعلني أشعر بهذا الفراغ هو الهدوء الرهيب للفريق السياسي المعارض في حال نشاط ملحوظ وتاريخي للقوى الشعبية – واقصد الشعب فقط – ففي أقل من أسبوع شهدنا جميعاً على أكثر من إضراب كان أبرزهما إضراب أصحاب وسائقي السيارات النقل ، وإضراب الصيادلة ، وعزم المحامون على الإضراب إن لم يكن أضربوا بالفعل ، بالإضافة إلى عدد من الفئات التي تنتظر دورها في قطار الإضراب ، لكن ما أركز عليه في هذة التدوينة هو هدوء السياسي الذي تلي حبس المجاهد مجدي حسين أمين عام حزب العمل ..

كان أثناء وجوده خارج أسوار السجن خلال الفترة الماضية تحديداً خلال العامين الماضيين في نشاط مستمر لا يكل ولا يمل ولا ينتظر دعوة من أحد ، بل كان إن سمع أو وصلته معلومات عن أن هناك فئة تنظم إضراباً أو لها مطلب وتطالب به كان أول من يكون هناك معتصماً معهم إن كانوا معتصمين ، أو متظاهراً معهم إن كانوا متظاهرين ، أو متضامن معهم إن كانوا في مرحلة التعبئة ، وفي العام الأخير كنا كلنا شهوداً على اعتماد قانون منع التظاهر في دور العبادة في الوقت الذي كان في كل يوم جمعة ينظم حزب العمل بقيادة أمينه العام الأستاذ مجدي أحمد حسين مؤتمراً في الأزهر ، ثم بعدها أصبح بين الأزهر ومسجد عمرو بن العاص ، كذلك كانت تشهد الساحة السياسية كثيراً من الفاعليات التي في أحياناً كثيرة يقوم بها هذا المجاهد بمفرده معظمها بنسبة تصل إلى 90% من هذة الفاعليات لا يغطيها الإعلام إلا أنها كانت تُحدث حراكاً ولو بسيط أفضل من السكون القاتل ، وأيضا كان هناك العديد من الدعوات التي دعا إليها وتبناها الأستاذ مجدي أحمد حسين منها من نتفق معه فيها ومن نختلف معه فيها إلا أن هذة الدعوات لا أحد ينكر أنها كانت تحدث حراكاً ولو بسيطاً للمياه الراكدة ..

لكن الآن وبعد سجن المجاهد مجدي أحمد حسين لم أعد أسمع سوى صوت الفراغ يخيم على الساحة السياسية اللهم عدة وقفات نظمت من أجله ومن اجل المعتقلين بتهمة التضامن مع غزة خلاف ذلك لا أجد أي حراك ، فمنذ عدة أيام كان لنا موعد مع الإضراب الذي يوازي توقف الدم في عروق الجسد ألا وهو إضراب سائقي وأصحاب سيارات النقل ، وكلنا نعرف أن لهذة المهنة أهمية حيوية حيث نعتمد عليها في نقل كافة البضائع ، مر هذا الإضراب مرور الكرام رغم انه الأهم على مستوى كافة الإضرابات التي حدثت ، مر دون أن أجد متضامن واحداً فقط معهم مثلما كان يفعل مجدي حسين..

إضراب الصيادلة ، كان هو الآخر موازي لإضراب شاحنات نقل البضائع ، أغلقت الصيدليات أبوابها في إضراباً نموذجياً عقلاني ، وللصيادلة أهمية فبدون الصيدليات الخاصة لا يوجد دواء وذلك بسبب أن الصيدليات العامة الموجودة بالمستشفيات الحكومية لا يوجد فيها سوى العلب الفارغة إن وجدت ! ..

مر إضراب الصيادلة وإضراب شاحنات نقل البضائع وانتهيا ومرا مرور الكرام ، بل ذكرت الصحف أن الإضرابات انتهت بعد تدخل الرئيس مبارك وهذا يدل إلى أننا نقع في فخ الدعاية لمبارك وأتمنى أن يكون هذا خطأ عابر ولا يتكرر ، لكن كان لابد وان يكون للقوى السياسية تواجداً في هذا الإضراب خاصة إضراب شاحنات نقل البضائع لأنها فئة جديدة وهذا أول نشاط لها كان يجب أن نتواجد معها لنثبت لها أننا مازلنا أحياء ، لكن حدث ما كنت أخشاه وهو الفراغ بعد سجن الأستاذ مجدي حسين ، وكأن ما قاله لي أحد من تعلمت منهم الكثير وهو الأخ شوقي رجب أن السياسيين الآن لا يحركهم إلا الغيرة !، فإن أردت أن تسلط الضوء والزخم السياسي على مشكلة ما لابد وأن يقوم أحد القادة أو احد الفصائل السياسية بزيارتها والتضامن معها حتى يغار منه الآخرون ليتحركوا ، ويثبت ذلك الفراغ أيضاً بأن مجدي حسين لم يكن مجرد رجل سياسي يقوم بنشاط يحسب لحزبه فقط ، بل كان رجل محوري في الساحة السياسية يجبرها على التحرك في أوقات واتجاهات عدة في وقت واحد ، وكان المتحججون بأن مجدي حسين يفسد التحرك السياسي بما يفعله فأقول لهم هاهي الساحة لكم الآن ماذا فعلتم في أول اختبار ؟ ..

كان علينا أن نتعلم من مجدي حسين كيف نتحرك بدلاً مما نحن فيه وكأننا كنا ننتظر سجنه حتى نستريح من الإحراج ، وكان لا بد أن نتعلم منه عدم انتظار الإعلام فالالتحام بالجماهير هو الهدف لا الإعلام ، فلمن لا يعلم هناك صحف كبرى كانت تعطي التعليمات لصحفييها بعدم تغطية أي شيء لحزب العمل ولمجدي حسين خاصة ، ورغم هذا كان يتحرك المجاهد مجدي حسين دون الإلتفات للإعلام أو ما يتواجد من القنوات والصحف وان كان تواجد هذا العنصر هام لكي يكون النشاط أكثر انتشاراً ..

وفي النهاية بصفتي أحد من تعلموا من أستاذي مجدي أحمد حسين فأنا لا أدعوكم للتضامن مع مجدي حسين فالتضامن لا يفيد ، بل افعلوا ما يرضي ويحرر أستاذي مجدي حسين وتواجدوا مع الشارع ومع الشعب ، تواجدوا مع من يحتاج التضامن لا من هو أقوى من التضامن ، كونوا مع ما يصيب النظام بالشلل وهو الإضراب والمضربين ، كونوا مع العمال كونوا مع الصيادلة ، كونوا مع أصحاب وسائقي الشاحنات ، كونوا مع المعلمين في مطالبهم وإضرابهم ، ومع أصحاب الأراضي التي تنزعها منهم الدولة من اجل إقامة المشاريع السامة ، كونوا مع الحق ضد الظلم ، وتواجدوا بأنفسكم ولا تكتفوا ببياناتكم، واعلموا أن وجدكم الناس معهم فسيلتفوا حولكم وسيرفعونكم لقياداتهم ، مارسوا أفعال المقاومة لا أفعال الخائب الراضي بما يقسمه النظام له ، هذا ما يرضي ويحرر مجدي حسين وكل من في مكانه سواء من الإخوان أو الشيوعيين أو الليبراليين أو كل مظلوم ..

أملأوا الفراغ ولا تكونوا جزء منه

Read Full Post »