Feeds:
Posts
Comments

Archive for February 3rd, 2009

مجدي حسين الذي عرفته

لم أقصد نهائياً بكتابة هذة السطور المبالغة أو التفخيم أو النفاق ، وإنما ما سأكتبه ما هو إلا عبارة عن رجل قلما نجد مثله فضل عناء الحياة عن نعيمها ، كان من الممكن أن يكون مثله مثل أي معارض في سنه يكتفي برأيه وموقفه فقط ، إلا أن هذا الرجل فضل أن يكون قدوة لكل معارض صاحب موقف ورأي وفعل ، فلم يكتفي بإعلان موقفه فقط في مقالاته أو دراساته وكتبه ، ولم يكتفي بأن يكون مجرد صاحب رأي فقط ، وإنما قرر أن يتوج مواقفه وآراءه بالفعل ، فمنذ أن عرفت أستاذي ومُعلمي المجاهد مجدي أحمد حسين الذي أقترب عمره من الستون عاماً وهو يتحرك هنا وهناك ، فلم أعهدة يوماً يشكو من كلل أو ملل أو يطلب الراحة يوماً من الأيام لأن نصرة المظلوم والوقوف بجواره ومناصرته هي أول ما يشغل باله ..

أتذكر أول يوم أرسلت فيه رسالة لأستاذي ومُعلمي مجدي أحمد حسين كان محتواها بأني له فداء من أي سوء واني لا أتأخر لحظة في أن تكون حياتي فداء له ، ومازلت متمسك بما قلت حتى هذة اللحظة ، ومنذ هذا الوقت وحتى الآن ولم يتغير هذا الرجل أو يتراجع ، بل ازداد قوة وصلابة وإصرار على موقفه رغم ما يعانيه من متاعب ، فلم أعهده يوماً من قادة الأوامر أو إبداء التعليمات دون المشاركة ، فهو إن بادر مبادرة أو اقترح اقتراح كان أول المنفذين رغم كبر سنه الذي أقترب من الستين عاماً مليئة بالمحطات النضالية المشرفة كانت أبرز هذة المحطات عندما تولى رئاسة تحرير جريدة الشعب المغلقة رغم صدور العديد من الأحكام لإعادتها ، المرة الأولى عام 1998 بسبب حملته الصحفية على وزير الداخلية الأسبق حسن الألفي ، والمرة الثانية عام 1999 بسبب حملته الصحفية على يوسف والي وزير الزراعة الأسبق جالب المبيدات والبذور المسطرنة لمصر ، هذا إلى جانب اعتقاله العديد والعديد من المرات في شبابه بسبب مواقفه الرافضة للهيمنة الأمريكية والصهيونية ، كما يتعرض للكثير من المضايقات والتحرشات الأمنية في الأعوام الأخيرة بسبب مواقفه الصارمة ضد مبارك والذي ازدهرت في عهده كافة أشكال الفساد بداية من الفساد الداخلي نهاية إلى التبعية الواضحة للحلف الصهيوني الأمريكي ..

لم أعهد هذا الرجل متعالي أو متكبر في يوم من الأيام فكل مرة كنت أراه كان يتحدث مع الشباب – الذي هم أقل منه بكثير في العمر وفي الخبرات والتاريخ – بكل بساطة وود وكأننا أولاده ، ورغم مواقفه الصارمة والقوية إلا انه طيب القلب ومرح باسم الوجه دائماً حين يتحدث مداعباً من حوله بكل تلقائية وتواضع ..

مجدي حسين الذي عرفته لم يتعامل مع أحد من الحزب في يوم من الأيام بصفته القيادي الأمين العام لحزب العمل ، والذي أمامه مجرد عضو بل كان دائماً يعتبر نفسه فرد من أفراد الحزب ، وكان هذا واضحاً يوم اعتقال الأخ شوقي رجب أمين إعلام الحزب بالغربية ، يومها ظل معنا الأستاذ مجدي حسين في الشارع أمام المحطة ثم بعدها انتقل معنا أمام قسم أول طنطا حتى ساعة متأخرة من الليل رغم برودة الجو و آلم الغضروف ولا أستطيع أن أنسى منظره وهو مستلقي على الأرض أمام القسم يحاول البحث عن قليل من الراحة نتيجة لهذا اليوم الصعب والذي حكم فيه على نصف معتقلي المحلة واعتقل اثنين من الشباب أحدهما أحد أبناء الحزب ، وأصر أميننا العام يومها بأن يبيت ليلته في طنطا حتى يتمكن من حضور عرض الأخ شوقي رجب والأخ رامي المنشاوي – الوفدي – على النيابة وبالفعل بات ليلته عند أحد أصدقاء الحزب وفي صبيحة اليوم التالي حضر الأستاذ مجدي إلى النيابة لحضور عرض المعتقلان على النيابة ..

ولم يكن هذا أول موقف بل أتذكر أيضاً يوم اعتصامنا في مسجد عمرو بن العاص والذي وكعادته سبقنا فيه الأستاذ مجدي بالاعتصام قبل الجميع ، وكان اعتصامه من أجل الإفراج عن إسراء عبد الفتاح عضوة حزب الغد التي صدر بشأنها قرار اعتقال بسبب مشاركتها في الدعوة لإضراب 6 ابريل ، وكان آخر يوم في الاعتصام يوماً صعباً فبعد عرض معتقلين 6 ابريل على النيابة في صباح هذا اليوم ذهبنا إلى الانضمام لاعتصام الأستاذ مجدي بمسجد عمرو بن العاص وبعد عصر هذا اليوم بدأت التحركات الغريبة لأفراد أمن بزي مدني لإخراجنا وبعد أن خرجنا قاموا بالاعتداء بالضرب المبرح على الأستاذ مجدي الذي فضل أن يفدينا بنفسه حتى نستطيع الهرب ، كما يومها أيضا تم الاعتداء على الأستاذ أبو المعالي فائق أمين الحزب بالغربية ، وبالفعل تحمل الأستاذان الضرب من أجل سلامتنا واستطعنا بفضل الله ثم بفضل هذا الموقف العظيم للأستاذ مجدي بأن ننجوا من قبضة الأمن يومها ، ولم يكن هذان الموقفان هم أول أو آخر المواقف وإنما هذا ما عشته بنفسي ، ومن حسن حظي أن أثناء هجوم إلكتروني على حزب العمل تسبب في خلل فني بالموقع وجدت صورة للأستاذ مجدي وهو جالساً على الأرض مجروح في قدمه نتيجة لمشاركته في إحدى التظاهرات وما يزال أستاذنا يقدم الكثير والكثير ..


أما عن اعتقاله مؤخراً فكانت لمساندته المقاومة الفلسطينية ضد العدوان الصهيوني على قطاع غزة ، هذا ما تم اعتقاله بسببه وهذا ما يعتبره نظام مبارك جريمة يعاقب عليها القانون ، فبعد انتهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة وصمود المقاومة التي حققت انتصاراً بإحباطها مخطط العدو وإفشاله في تحقيق أهدافه حاول الأستاذ مجدي حسين عبور معبر رفح لدخول غزة لتقديم التهنئة إلى المقاومة داخل القطاع والتضامن مع اسر شهداء وجرحى هذا العدوان إلى أن كل محاولته باءت بالفشل بسبب رفض السلطات الأمنية أن تسمح له بالعبور بشكل رسمي ، ولم يكن ذلك عائقاً أمام أرادة هذا الرجل العظيم بل كانت حافزاً له وقرر دخول غزة لتقديم التهنئة للمقاومة ، والتضامن مع الشعب الصامد بالقطاع من أسر الشهداء والجرحى والمهدمة بيوتهم نيابة عن حزب العمل وعن الشعب المصري بعدما أخذلنا مبارك بموقفه المخزي المناصر للصهاينة ، وتمكن من الدخول إلى قطاع غزة عن طريق آخر غير المعبر الذي منعته سلطات الأمن من الدخول عبره وقدم التهنئة للمقاومة التي استقبلته استقبالاً حاراً ، وكذلك تضامن مع أسر الشهداء والجرحى ، وأثناء عودته عبر معبر رفح تم اعتقاله والآن يخضع للتحقيق بالنيابة العسكرية والتي من المرجح أن تحوله لمحاكمة عسكرية ..

وهكذا علمنا أستاذنا مجدي أحمد حسين أن إرادتنا هي سلاحنا أقوى من الحواجز والعوائق مهما كانت ، علمنا أن نقف مع الحق دائماً مهما كان رد فعل ذلك علينا ومهما عانينا من متاعب لأن هذا ما أمرنا به الله ، أمرنا أن نعمل وننصر الحق والضعيف ونصبر على ما نلاقي علمنا أن نسير في طريق الحق ونتمنى إما أن ننصره أو نستشهد في سبيله ولا مجال للمساومة أو التراجع مهما تكن النتيجة ، علمنا أستاذنا المقاومة وان نكون مقاومين لكل ظلم واستغلال وان نكون مع المقاومة أينما وجدت طالما تقاوم الظلم والطغيان علمنا أستاذنا أن نقاوم الصهيونية والصهاينة ونساند كل من يقاومهم ، علمنا مجدي حسين أن السجن نيشان المقاوم ووسام على صدره لذلك لا نبكي على سجنه ولا نستجدي أو نستعطف سلطة ونظام غير شرعي للإفراج عنه بل أني أعتبر – وكما علمنا – أن سجنه هو نيشان ومنحة من الله لنتقرب منه ..

Read Full Post »